عدد من شاهد الصفحة

الاثنين، 30 سبتمبر 2013

الإخوان ....وأنا

                                              بسم الله الرحمن الرحيم




كان الصراخ مدوياً فملأ سكون الليل ضجيجاً ودوياً أزعجنى أنا الطفل الصغير الذى لم تتعدى  سنوات عمره السابعة وأدخل الطمأنينة إلى قلبى صوت خطوات أبى رحمه الله  المتجهة إلى شرفة المنزل وسمعت صوت أمى رحمة الله عليها متسائلة عن مصدر الصوت وسببه
وجاء صوت والدى يحمل كلمة ظلت سنوات منقوشة فى ذهنى حاملة علامة استفهام حائرة : البوليس قبض على  ( يونس ) الإخوانجى...
كانت الكلمة غريبة ولم أسمعها من قبل ..ولكنها ارتبطت فى ذهنى بسمعة سيئة طالما أن البوليس قبض على صاحبها فهى كلمة خارجة عن القانون ..
الشيخ ( يونس) رجل طيب القلب محبوب من الجميع وخاصة نحن اطفال الحى فهو الوحيد الذى كان يسمح لنا باللعب أمام دكانه الصغيردون أن ينهرنا كما يفعل الجميع ...
وظل السؤال فى ذهنى.. لماذا قبض عليه ( البوليس) ؟
وكانت الإجابة الحاضرة فى ذهنى لأنه ( إخونجى) ....
لم نعد نرى ابنه ( هشام ) صديقى الحميم .. ولم اعد أذهب معه إلى دكان الشيخ ( يونس) وفقدت قطعة ( البسبوسة)  عطية العم ( يونس) لنا.... لماذا اختفى ( هشام ) لا أعرف...
ولكن ظلت هذه الحادثة عالقة فى ذهنى وازدادت ضبابية الحدث عندما سمعت أهل الحى يقولون إن ( ناصر) يكره الإخوان..( ناصر) حبيبنا جميعاً وطالما يكره الإخوان لابد أن نكرههم جميعاً هذا كان تفكيرى.
ودارت الأيام واختفت الذكرى ..حتى عادت من جديد عندما سمعت معلم الفصل يخبرنا أن مباحث أمن الدولة ألقت القبض على  شقيق زميلنا ( فتحى) لذلك لم يحضر اليوم إلى المدرسة وحذرنا المعلم من الذهاب إليه أو محادثته لأن شقيقه المقبوض عليه من ( الإخوان) مرة ثانية تعود الكلمة وتختطف منى صديقاً آخر ..كنت فى المرحلة الإعدادية وفى عهد الرئيس( السادات) هل يكره  الإخوان هو الآخر ؟؟
كنت مدرساً حديث التخرج عائداً من فترة التجنيد وألتقيت به زميل دراسة كان لديه من الصفات  ما تجعله مقرباً من الجميع محبوباً ولم لا وهو يحسن معاملة الجميع خدوم طيب الخلق عفيف اللسان حلو الكلمات  وقويت الصداقة بيننا .
دعانى لمقابلته فى المسجد بعد صلاة المغرب وبعد الصلاة تعرفت على البعض من رواد المسجد وجلسنا فى درس دينى وتكررت اللقاءات وزادت العلاقة بينى وبين الجمع وخاصة أنهم كانوا جميعاً من سلك التعليم  ووجدت نفسى معهم فى رحلات خارج المحافظة وزيارات وحضور مناسبات وأفراح ولكنها بشكل مختلف الرجال فى مكان والنساء فى مكان وفى أحد الأفراح والذى كان يشرف عليه وينظم فقراته وجه كان بالنسبة لى فى ذلك الوقت جديداً وعرفته بعد ذلك فى محاضرة بنقابة المهندسين إنه ( وجدى غنيم) ووجدت نفسى بدون أن أشعر أو كنت أشعر ولكنى رغبت فى ذلك ..وجدت نفسى عضواً بجماعة الإخوان والتى كانت قبل ذلك سؤالاً حائراً ولكنى لم أجد هذا البعبع المخيف أو الفزاعة وجدت أناساً أحسبهم على خير ولاازكيهم على الله سبحانه.
أربع سنوات مرت وأنا معهم مع كل التحذيرات والخطر الذى يتهددنا فى كل لحظة وكل قت ولكنها مرت بفضل الله على دون ضرر بل باستفادة كبيرة وتغيير فى الفكر والنظرة للواقع وللحياة .
منذ سنوات بعيدة انقطعت العلاقة بينى وبين هؤلاء الأصدقاء لظروف كثيرة ولكن استمر أثر تلك الأيام منقوشاً فى وجدانى ...
لقد كانت صرخات زوجة الشيخ ( يونس) مازالت تدوى فى الآذان ليست اذنى وحدى ولكنها آذان المصريين جميعاً ولكن الغريب أنه منذ ثورة 25 يناير سكت الصوت ولم نعد نسمعه ..هل يظل هكذا صامتاً مدى الدهر ... أم سيعود من جديد؟
ـــــــــــــــــــــ
لم أكن أتخيل أن هذه الجماعة بعد أن وصلت إلى شاطئ الحلم الذى سعوا إليه على مدى ثمانين عامًا يضيع
ويذهب من بين أيديهم هباءً منثورًا ، عطية من المولى لم يعرفوا كيف تصان ..
وتحطمت كل الأحلام والآمال ، وأصابت المصريين خيبة الأمل في من كانوا يضعون عليهم كل الآمال .!!!